الأحد، 29 يوليو 2012

الإذاعة الفلسطينية

ظهرت إذاعة القدس بعد الإذاعة المصرية التي امتلكت الأثير في 1934، بدأ إرسال إذاعة القدس في 1936، وكانت تحتل غرفتين فقط في فندق بالاس في القدس، ثم انتقلت الى شارع مأمن الله (ماميلا) في سنة 1939، أما أول صوت صدح فيها فكان صوت شاعر فلسطين الكبير إبراهيم طوقان صاحب نشيد "موطني". 

ومن إذاعة القدس بدأ المطرب المصري محمد عبد المطلب رحلته مع الفن، واكتسب من خلالها شهرة وخبرة قبل ان يعود الى مصر ويصبح واحداً من أكثر الأصوات الغنائية جمالاً.

وفي رحاب هذه الإذاعة برز عازف العود المصري عبد الفتاح منسي وهو شقيق العازف أنور منسي زوج المطربة صباح، وكذلك الملحن اللبناني المعروف فيلمون وهبي.

وفي سنة 1931 بدأ الاتحاد السوفيتي وفرنسا البث الاذاعي باللغة العربية فحذت بريطانيا حذوهما وشرعت هيئة الاذاعة البريطانية (BBC) تبث بالعربية في 1938 وكانت العربية أولى لغات هذه الاذاعة بعد الانكليزية وكان المذيع البارز فيها عيسى صباغ من فلسطين غير ان بريطانيا لم تلبث في سنة 1943 أي في معمعة الحرب العالمية الثانية ان أسست "إذاعة الشرق الأدنى" وكان مقرها في جنين أولاً ثم انتقلت الى يافا ثم الى القدس في سنة 1947.

كان من بين أشهر العاملين الفلسطينيين في هذه الإذاعة صبري الشريف ونجاتي صدقي ورشاد البيبي وغانم الدجاني وصبحي ابو لغد واحمد جرار وعبد المجيد ابو لبن وكامل قسطندي.

وبعد النكبة عام 1948كان مصير هؤلاء كالآتي:-


حين اشتد القتال بين العرب والصهيونيين غداة صدور قرار التقسيم في 1947 صار من غير الممكن استمرار إذاعة الشرق الأدنى في عملها بالصورة المعتادة وبدأ التفتيش عن بدائل من موقع الإذاعة الذي بات في خطر حقيقي وداهم ولم يكد منتصف مارس 1948 يمضي حتى كان معظم العاملين فيها قد انتقلوا بأسرهم الى قبرص بحراً عبر ميناء حيفا وكان الصراع النفسي ينتاب الجميع، وراحوا يتساءلون: ماذا حدث لبلادنا؟ كيف تركناها؟ هل سنعود إليها قريباً، ماذا سنفعل الآن؟

في ليماسول بقبرص كان رشاد البيبي يستقبل هؤلاء المهاجرين ثم يرتب لهم أمر انتقالهم الى منطقة "بوليميديا" حيث أقيم على عجل مقر فيه معدات إذاعية جاهزة للبث، وقد وصل عدد العاملين في ليماسول الى نحو 70 موظفاً عدا عن المراسلين في العالم العربي، وعدا عن الذين سافروا الى العواصم العربية لافتتاح مكاتب للاذاعة أمثال أحمد جرار الذي أسس مكتباً للاذاعة في شارع فينيسيا في بيروت وفي ليماسول تولى محمد الغصين الادارة العامة وتولى صبري الشريف وغانم الدجاني تنفيذ الاعمال الموسيقية.

استمرت الاذاعة بالعمل وكانت من أقوى الاذاعات التي تبث بالعربية طوال المرحلة التي أعقبت النكبة أي منذ سنة 1948 حتى سنة 1956 لكن في عام 1956وقع العدوان الثلاثي على مصروقصفت الطائرات البريطانية أجهزة الاذاعة المصرية قرب القاهرة وفي تلك الاجواء قدّم جميع الموظفين في الإذاعة استقالاتهم احتجاجاً على الموقف العدواني البريطاني، وأعلنوا على الهواء وقوفهم الى جانب مصر ورئيسها جمال عبد الناصر وكان المذيعون يهتفون على الهواء مباشرة "عاشت فلسطين" وعند ذلك اقتحم جنود بريطانيون الموجودون في قاعدة أكروتيري القبرصية استديوهات الإذاعة بالقوة، وأجبروا المذيعة مسرة فاخوري على إذاعة أخبار ضد مصر والعرب فأذاعتها وهي تبكي وبهذه الاستقالة الجماعية من الإذاعة اندثرت تلك الاذاعة وصارت قصة تُروى.


توزع بعض الموسيقيين والعازفين الذي كانوا يعملون في اذاعة الشرق الأدنى على الإذاعات العربية منذ النكبة الفلسطينية في سنة 1948، ولحق بهم في سنة 1956 من كان في قبرص وهؤلاء جميعاً اسهموا في النهضة الموسيقية العربية اللاحقة وعلى سبيل المثال التحق بالإذاعة اللبنانية عدد من العازفين الفلسطينيين أمثال فرح الدخيل وعبد الكريم قزموز وميشال بقلوق ورياض البندك (انتقل لاحقاً الى دمشق) واحسان فاخوري وحنا السلفيتي وفريد السلفيتي، ثم المطرب محمد غازي، وفيما بعد التحق بها نبيل خوري علاوة على الموسيقار حليم الرومي والعازف عبود عبد العال، وانضم الى إذاعة دمشق يحيى السعودي ومحمد عبدالكريم، والى إذاعة بغداد ذهب روحي خماش ومحمد الغصين وصبحي ابو لغد وعبد المجيد ابو لبن وسميرة عزام ومحمد كريم، وذهب غانم الدجاني الى السعودية وفؤاد حداد الى محطة الاذاعة البريطانية (BBC)، وأسس كامل قسطندي شركة في بيروت للانتاج الاذاعي، وتولى صبري الشريف مسرحيات الأخوين الرحباني كلها تقريباً وأصدر سمير الشريف (شقيق صبري) في بيروت ايضاً مجلة إذاعية باسم " الشرق الأدنى" تولى رشاد البيبي تحريرها، وكتب فيها مارون عبود وموسى الدجاني وسميرة عزام وعباس محمود العقاد وطه حسين وسهير القلماوي ونقولا زيادة وفؤاد صروف وآخرون ، ولاحقاً أسس غانم الدجاني " الشركة اللبنانية للتسجيلات الفنية" بتمويل من الفلسطيني بديع بولس، ثم أسس بديع بولس نفسه استديو بعلبك للسينما في سنة 1958بالمشاركة مع الثري الفلسطيني يوسف بيدس وفرقة الأنوار في سنة 1959، والمعروف أن عبد المجيد ابو لبن هو من اكتشف شخصية "إم كامل" التي جسدها الفنان السوري أنور البابا، وشخصية "أبو صياح" التي جسدها الفنان السوري رفيق السبيعي.


المصدر
"تاريخ الإذاعة الفلسطينية.. هنا القدس للكاتب المقدسي نصري الجوزي"

الخميس، 5 يوليو 2012

فلسطينيو الأردن ..ثقل اقتصادي وانعدام للثقل السياسي


في تقرير إحصائي لمجلة «فوربس» الأمريكية نشرته الصحافة الأردنية تبين أن 66 في المئة من أغنى 50 عائلة في الأردن هي فلسطينية وتقدر ثروات هذه العائلات كلاً على حدة بأكثر من مليار دولار.

وتؤكد السجلات التجارية والصناعية والخدمية والعقارية وعضويات مجالس إدارة الشركات الكبرى والمتوسطة وحملة الأسهم... أن نسبة المكوّن الفلسطيني تظل نفسها، بين 66 و70 في المئة، إذا أحصينا أغنى ألف أو عشرة آلاف عائلة في الأردن.

ويكاد لا يجادل أحد بأن المكوّن الفلسطيني هو الغالب في الرأسمالية الأردنية ومع ذلك فإن الرأسماليين الفلسطينيين في الأردن لا يحظون بوزن سياسي مقابل ويرجع ذلك إلى أربعة أسباب:-

الأول- تشترك به كل مكوّنات الرأسمالية الأردنية، وهو أن طابعها الكمبرادوري والمالي ـــــ العقاري لا يفرض عليها ارتباطاً عضوياً بالمجتمع والدولة والوطن وهو ارتباط ينشأ بالأساس من انخراط الرأسمالية المحلية في نظام إنتاجي محلي متعاضد يقوم على محلية التكوين الرأسمالي والنشاط الإنتاجي والخبرة والعمالة، وهذا النظام غير موجود في الاقتصاد الأردني الذي ظلت وطنيته مرتبطة بالقطاع العام، وهو الذي صُفّي في العقد الأخير.

الثاني - في مقاومة البنى التقليدية للنظام السياسي الأردني والعشائر، لمنح ممثلي الرأسمالية الليبرالية الناشئة ككل أردنية وفلسطينية دوراً أو حجماً سياسياً، ولا يزال الرأسماليون الأردنيون يحصلون على مواقع سياسية بفضل ارتباطهم التقليدي بأجهزة الدولة والعشائر بينما نظراؤهم الفلسطينيون وهذا هو السبب

الثالث - في تهميشهم السياسي تكوّنوا خارج الدولة ولا يرتبطون في الوقت نفسه بقواعد اجتماعية خارجها أي إنهم مبتورو الصلة بالجماهير والقضية الفلسطينية، مثلما أنهم ينظرون إلى أبناء العشائر بوصفهم رجعيين ومتخلفين.

الرابع - الذي يعني العناصر الديناميكية من الفلسطينيين ـــــ الأردنيين عموماً، وهو أنهم يتجهون إلى الأنشطة التجارية محكومين بعقلية تجارية بحته ولا يزودون المجتمع بنخب فكرية أو سياسية أو صحافية أو ثقافية مثلما كان الحال حتى نهاية عقد السبعينيات.

وهكذا، فإننا عندما نقوم بإحصاء لمكوّنات النخب غير الاقتصادية في الأردن تنقلب النسب لمصلحة الأردنيين.

عموما لا يعاني الفلسطينيون في الأردن ظروفاً ضاغطة في كل المجالات إلا من حيث حصتهم في التمثيل السياسي التي هي أصغر من حجمهم الديموغرافي والاقتصادي، وهذا هو ما تسميه النخب الفلسطينية في الأردن «بالحقوق المنقوصة»، وهو وصف دقيق نوعاً ما من حيث إنه يعترف بأن الفلسطينيين يحظون بحقوق في الأردن ولكنها ليست كاملة بالنظر إلى أنهم لا يتمتعون بكوتا سياسية مناسبة تمثل وزنهم السكاني والاقتصادي.