الأربعاء، 11 يناير 2012

طلال أبو غزالة من حياة المخيمات إلى أبرز رجال الأعمال العرب

طلال أبو غزالة

عمان: «الشرق الأوسط»
كان طلال أبو غزالة مجرد لاجئ فلسطيني يعيش في لبنان، ثم طالبا في الجامعة الاميركية ببيروت بعد ان حصل على منحة دراسية من وكالة الغوث الدولية (الاونروا) لتفوقه الاكاديمي. واول مبلغ كبير حصل عليه كان 500 جنيه مصري قيمة جائزة أدبية عن قصة قصيرة، لكن الجائزة لم تدفع به باتجاه الادب، بل باتجاه عالم الاعمال والمحاسبة ليترأس اليوم اللجنة الدولية التي تشكلت بقرار من الامين العام للامم المتحدة للمؤهلات المهنية والاعتراف بالشهادات المحاسبية، اضافة لتأسيسه مجموعة أبو غزالة للملكية الفكرية ومؤسسات اخرى لها ثقلها الآن في المنطقة. كل ذلك لم يتعب أبو غزالة.
يعتز طلال أبو غزالة بكونه فلسطينيا وعربيا ومسلما، ويشار اليه في مؤسسته التي تنتشر فروعها في الدول العربية والعالم بـ (المعلم)، ونادرا ما يتحدث عنه موظفوه بالرئيس او اي توصيف آخر. يعمل طوال ساعات النهار بجد حتى بعد ان تخطى العقد السادس من عمره وينام بعمق، يحرص على المطالعة ومتابعة كل جديد، في عالم تدقيق الحسابات وحماية الملكية الفكرية وتقنية المعلومات حتى اصبح احد ابرز الاسماء الدولية في هذه الميادين، ويشار اليه بالبنان.

وقد شعر ابو غزالة بالغنى ووفرة المال لاول مرة في حياته عندما تسلم جائزة مالية قدرها 500 جنيه مصري وهو مبلغ اكثر مما يستطيع استيعابه او يتخيله آنذاك، والجائزة كانت من المجلس الاعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في ما كان يسمى الجمهورية العربية المتحدة آنذاك بين طلاب وطالبات الجامعات والمعاهد العليا للقصة القصيرة عن العام الدراسي 1957 ـ 1958، وكانت القصة التي كتبها طلال أبو غزالة بعنوان (الصدى اللعين) تحمل فكرة متقدمة، عالج فيها ارهاصات شاب يعيش واقع اللجوء والاحباط من عالم عربي مهزوم يصارع من اجل فهم الحقيقة والحياة ويتطلع بأمل نحو المستقبل.

خلال دراسته المدرسية، حيث تسكن عائلة أبو غزالة في جنوب صيدا بمخيم الغازية، كان يسير بين المدرسة والبيت لمدة ساعتين في الحر والقر تحت الامطار والثلوج. كانت الرحلة الى المدرسة تبدأ في الخامسة صباحا، وفي بعض الايام كان اصحاب السيارات التي تنقل الخضر تحمله بالمجان كبقية المحظوظين في ذلك اليوم.

وفي سنوات الجامعة، اعتاد ابو غزالة، ان يحصل على ثلاث وجبات تقدمها الجامعة لطلابها مع ثلاث حبات من الفاكهة، مثل التفاح والموز والبرتقال، وكان ابو غزالة يجمع الفاكهة المخصصة له طوال ايام الاسبوع ليعود بها الى اخوته في نهاية الاسبوع ليشهد مع اسرته متعة تناول الفاكهة مجتمعين.

ويرسم ابو غزالة صورة مختلفة لنظرته الى الامور ويقول ان متعة المعاناة تظهر في الوصول الى الهدف من خلال العمل، ويضيف ان «الساعات الطويلة التي كنت امشيها لزيارة اهلي خلال دراستي الجامعية، وقبلها بين المدرسة والمنزل افادتني صحيا الآن، حيث لا اشتكي من اي مرض، إلا من ان ساعات العمل قصيرة».

ويتابع أبو غزالة الحديث بقوله انه لا يجوز للانسان ان يستريح، ويمكن ان يتم ذلك بتغيير نوع العمل، فالعقل لا يحتاج الى راحة، اما راحة العينين فهي بتغيير المنظر. يحرص أبو غزالة على الاهتمام بأسرته فهو متزوج وله ولدان وبنتان، ولا يخفي حبا كبيرا لابنته جمانة التي يسميها الدرة النادرة، وقد حصلت على ماجستير من جامعة هارفارد في ادارة الاعمال، ولطلال ابو غزالة حفيدات واحفاد ويشعر بمتعة كبيرة في التواصل معهم.

كان لهيمنة الشركات والمؤسسات الغربية على العالم والمنطقة العربية في العديد من النشاطات المهنية والاقتصادية الحافز والتحدي الاكبر امام طلال أبو غزالة، ووصل الى قناعة عام 1972، بأن الوطن العربي بحاجة الى نهضة مهنية تبنى على المعرفة والابحاث وتقدم خدماتها للاقتصاد العربي وفق مستويات تضاهي المؤسسات العالمية.

ويؤكد أبو غزالة ان الشركات الاجنبية في مجالات الاستشارات ومهنة المحاسبة القانونية والملكية الفكرية كانت تحتكر العمل في الاسواق العربية، ولم تتح هذه الشركات الفرصة للمواطن العربي للتدرب والتعلم، واحتكرت الشركات التي كانت تعرف بالثمانية الكبار (واصبحت الآن بفعل الاندماجات الخمسة الكبار) مهنة المحاسبة القانونية والاستشارات بصورة محكمة. وباعتزاز الانسان الفخور بأمته وكفاءات الشباب، ان الصورة قد تغيرت خلال الفترة الفاصلة ما بين 1972 ـ 2000، واصبحت هناك مؤسسات عربية كبرى الى جانب الخمسة الكبار يعملون. ويقول: «استطاعت مجموعة طلال أبو غزالة ان تتصدر السوق في كافة الخدمات والانشطة التي تزاولها واصبحت المعادلة العربية في المهنة 1 + 5 الكبار» وأبو غزالة يتولي منصب نائب رئيس فريق عمل الأمم المتحدة لتقنية المعلومات والاتصالات، ورئيس المؤسسات التالية: هيئة التجارة الالكترونية وتقنية المعلومات والاتصالات في غرفة التجارة الدولية، والمجمع العربي للمحاسبين القانونيين، ومجموعة أبو غزالة المهنية، والمجمع العربي للإدارة والمعرفة، والمجمع العربي للملكية الفكرية، وشركة طلال أبو غزالة انترناشيونال، ومركز أبو غزالة كازين للسياسات التجارية، ومركز أبو غزالة كامبردج لمهارات تقنية المعلومات، وشركة أبو غزالة وشركاه للاستشارات، وشركة أبو غزالة للصرافة في مدينتي رام الله والبيرة.
ويقع المركز الرئيسي لإمبراطوريته و8 فروع أخرى في الأردن إلى جانب وجود 39 مكتبا لمؤسساته الخاصة في العالم العربي خاصة في دول الخليج وبالذات الإمارات في أبو ظبي ودبي والشارقة والعين ورأس الخيمة وجبل علي وفي جميع الدول العربية الأخرى بما فيها 3 مكاتب في فلسطين في غزة ورام الله ونابلس.
وقد وصل نفوذه إلى تعيين بعض العاملين لديه وزراء في إحدى الدول هذا إلى جانب اعتماد وزارتي التربية والتعليم والمواصلات الأردنيتين برنامج ما يسمى 'دبلوم أبو غزالة/ كامبردج الدولي للمهارات وتقنية المعلومات' للتدريس للطلاب وتدريب كافة موظفي الحكومة تحت مظلة ما يسمى 'برنامج التحول نحو الحكومة الالكترونية' وسيشمل ذلك تدريب أكثر من 20 ألف موظف أردني حتى عام 2005 .

وحول التحديات والعقبات، يرى أبو غزالة ان التجربة علمته ان لا وجود لليأس، وان اي فشل يشكل فرصة لمبادرة جديدة، ويضيف: ربما يستغرب البعض من تصرفنا تجاه من حاربنا ووقف في طريقنا، اذ نقول له شكرا، لأن في ذلك احد اسباب قوتنا الراهنة ولا نحمل على احد ولا نكن العداء له. ويشير الى ان اي نجاح يكون سببه دعم خارجي، يصبح في نهاية المطاف عالة، ومصيره الفشل آجلا او عاجلا.
نقلا عن جريدة الشرق الاوسط اللندنية

 لقاء للسيد طلال أبو غزالة في برنامج مراجعات علي قناة الحوار
الجزء الأول
الجزء الثاني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق